الخميس، 25 يوليو 2013

مقال ممنوع!



د. وائل قنديل المتحدث الرسمي السابق لحزب الدستور الذي يرأسه البرادعي، ومدير تحرير جريدة الشروق المصرية  يكتب مقالا  يهاجم فيه الإنقلاب، ويفضح سلوك الإنقلابيين، فيتم منع المقال من النشر بالأمر العسكري.. 

وقد  اعربت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان اليوم,عن اسفها الشديد لقيام جريدة “الشروق” المصرية  بمنع نشر مقال قنديل  في عدد اليوم ، واعتبرته خطأ كبيرا لم يعتده القراء من أحد أهم الجرائد المصرية التي تمتعت بمصداقية كبير، ينبغي اصلاحه حفاظا على المهنية والمصداقية.

لا أدري كيف يفكر الرقيب في هذا العصر؟!

ففي ظل الفضاء المفتوح، والقدرة اللامحدودة على التواصل والاتصال، وتوفر الإعلام البديل، ووسائل التواصل الاجتماعي، يصبح منع مقال من النشر أشبه بالحرث في الماء، فبجرد منع المقال من النشر في الصحيفة، تم تداوله بشكل رهيب في الانترنت، و وسائل التواصل والاتصال، وربما أصبح عدد قارئيه أضعاف ما لو تم نشره في الصحيفة.. !


..إلى المقال..
----------------------------------------------------------------

قالوا فى تسويغ الانقلاب إنه لإنقاذ البلاد من جحيم الحرب الأهلية، لكنهم بعد أيام قلائل كانوا يغذون ماكينة الاحتراب المجتمعى بكميات خرافية من الوقود المحمول فوق خطاب عنصرى يتفوق فى بشاعته على المكارثية الأمريكية فى الخمسينيات.

زعموا أنهم ينقلبون على أول رئيس منتخب فى تاريخ مصر من أجل حقن الدماء وحماية الأرواح، لكنهم فى غضون أيام حصدوا أرواحا أكثر مما خسرته مصر فى عام كامل، والأكثر بشاعة أن القتل الآن صار على الهوية وعلى اللحية والنقاب، تحت مظلة من التحريض والتبرير والتفرقة العنصرية بين دم ودم.

إن مصر تعيش الآن حالة عنصرية شوفينية بامتياز، تجعلنا قريبين للغاية من قيم الهولوكوست والتطهير العرقى، بعد أن انتقلنا من شوفينية سياسية تقوم على استباحة المختلفين واستئصالهم وإزاحتهم من المشهد السياسى، إلى عنصرية مجتمعية متعصبة تضخ خطابا ينفى المواطنة والإنسانية عن قطاعات واسعة من المصريين، ويضعها فى مرتبة الأعداء يجب إبادتهم واجتثاثهم.


إنها تلك اللعبة غير الأخلاقية التى تقوم على صناعة عدو تلصق به كل الشرور والآثام، وتعلق عليه الأخطاء والكوارث السابقة والحالية، باختصار يتم تصويره فى حالة شيطانية كاملة، لكى ينعم من عداه بحالة ملائكية مزيفة، تفتح المجال للفسدة والمطبعين والمجرمين لكى يغسلوا تاريخهم ويداروا سوءاتهم ويدفنوا فضائحهم وجرائمهم.


إن ما يجرى من استباحة لدماء المصريين واسترخاص حياتهم وامتهان حقوقهم كموتى بعد قتلهم، ليس له تعريف سوى أنه ردة حضارية عنيفة وانسلاخ من قيم تجسد الحد الأدنى من الفطرة الإنسانية السوية.


لقد نجح الانقلابيون فى استدعاء الجزء المعتم من الوجود الإنسانى، وإطلاق أسوأ ما فى الشخصية المصرية من نوازع وحشية، بحيث صار المجتمع يمور برغبات الانتقام والتلذذ بالدماء، واستعذاب التضليل والتزييف وقلب الحقائق، لينعم المجرم بإجرامه، ويساق الضحايا إلى الجحيم.


ومن لا يرى فيما جرى للمعتصمين فى ميدانى نهضة مصر ورابعة العدوية جرائم ضد الإنسانية، فليمنح نفسه فرصة صغيرة للاختلاء بضميره لدقائق معدودة، ليدرك أن هناك رعاية رسمية للمكارثية والعنصرية على الطريقة المصرية.


السبت، 20 يوليو 2013

التجربة الإسلامية.. فشل أم إفشال؟!

بعد أحداث مصر الأخيرة، بدأ بعض الكتاب بمحاولة تقييم تجربة الإسلاميين في العالم العربي مع السلطة، وبعد محاولة التقييم يكون الميل إلى الحكم على تجربتهم بالفشل، فلا يوجد حركة إسلامية عربية استطاعت أن تعطي نموذجا مُعتبرا للمشروع الإسلامي في إدارة السلطة!


من الضروري قبل الحكم على التجارب بالفشل أن نفرق بين الفشل والإفشال.. فالفشل يكون عندما يُعطى للتجربة حاصلها الزمني من العمل في الفضاء السياسي، ثم يتم تقييمها بشكل موضوعي بعد فترة زمنية كافية، وقياس نسبة النجاح والفشل في الأداء وفقا للمعطيات على أرض الواقع، عند ذلك يمكن الحكم عليها بالفشل، أما عندما يتم التربص بالتجربة، ومواجهتها بأساليب غير أخلاقية، والعمل على الإطاحة بها بشتى الوسائل الشرعية وغير الشرعية، كاختلاق الأكاذيب حولها، وشن حملات إعلامية قذرة لتشويهها، ثم يتوج كل ذلك بتدخل عسكري إنقلابي، فلا يمكن الحكم على التجربة بالفشل، وإنما هذا تعمد إفشال مع سبق الإصرار والترصد!


نعم.. ليس من واجب خصوم الإسلاميين أن يمهدوا الطريق لنجاح التجربة الإسلامية، بل إن من حقهم أن يَبقوا على خصومتهم، ومن حقهم أن يتصدوا لمشروع خصومهم، كما أن من واجب الإسلاميين أن يكونوا مستعدين للعامل مع مختلف التحديات التي تواجه تجربتهم، لكن يُفترض في الخصومة أن تكون في إطار اللعبة السياسية، مع المحافظة –على الأقل- على الحد الأدنى من أخلاقيات العمل السياسي.


التجربة الإسلامية هي فعل بشري، ونسبتها إلى "الإسلام" لا يعطيها قداسة ولا عصمة، بل هذه النسبة تعطيها أولوية في النقد والتقييم، وإذا وصل الأمر إلى الحكم عليها بالفشل وفق التقييم الموضوعي، فمن واجب الإسلاميين الاعتراف بذلك، لكن في نفس الوقت فإن من حق الإسلاميين أن يُعطَوا الفرصة الحقيقية التي تُعطى لأي حزب في النظام الديمقراطي، وأن تتم مواجهتهم بأدوات اللعبة الديمقراطية، أما أن يتم اللجوء إلى التخوين، والافتراء الصريح، والعبث بمصالح المواطن البسيط من أجل تأليبه على الإسلاميين، والاستقواء بعناصر خارجية، ثم التحالف مع العسكر، فإن كل ذلك لا يمت إلى العمل السياسي الديمقراطي والأخلاقي بصلة، ولا يعطي أي مبرر للحكم على التجربة بالفشل!


أخيرا.. كثيرا ما كان يتخوف خصوم المشروع الإسلامي من أن ينقلب الإسلاميون على الديمقراطية بمجرد وصولهم للسلطة، لكن الواقع والتاريخ أثبتا أن مَن كان يطرح تلك المخاوف هو الذي انقلب على الديمقراطية واستعان بالعسكر، أو برر تلك الاستعانة، عندما وصل الإسلاميون للسلطة بخيار شعبي حر.. ولله في خلقه شؤون!

السبت، 13 يوليو 2013

ظاهرة الـ "ناشط سياسي"


"ناشط سياسي" مصطلح بدأ بالانتشار، وصار يُستعمل في نطاق واسع في وسائل الإعلام، ويُطلق بكثرة على كل مهتم بالشأن العام، أو كل من له موقف من قضية سياسية، أو شارك في الفعاليات والأنشطة السياسية! 


نعم.. البعض ينزعج من هذا اللقب - أنا شخصيا أتحسس منه – فهو وصف غير منضبط، وأصبح أشبه بوظيفة مَن لا وظيفة له، وصار يُعطى لمن شاء دون حسيب أو رقيب، ولمن يستحق ومن لا يستحق، وهذا ما جعل الكثير من الذين منحوا أنفسهم هذا اللقب يتصدرون المشهد السياسي، ووسائل الإعلام، دون أن يكون لهم رصيد حقيقي من العمل السياسي ، أو يكون لهم الوعي الكافي، والدراية المعتبرة بالواقع وأصول اللعبة السياسية.


وبالتوازي مع هذه الظاهرة هناك ظاهرة أخرى صاحبت الأحداث في الكويت، وهي كثرة ظهور الحركات السياسية، والتي تظهر بعضها فجأة، ثم تختفي فجأة، دون أن نعرف لماذا ظهرت، ولماذا اختفت؟! ودون معرفة مَن هي قاعدتها الحقيقية، وما هو ثقلها في الواقع، وما هو برنامجها السياسي!


قبل تناول هذه الظاهرة بالتحليل، أظن بأن من البدهي الإشارة إلى أن حق العمل وممارسة النشاط السياسي، وحق إبداء الآراء السياسية مكفول للجميع، ولا ينبغي أن يكون ذلك محل نزاع أو اختلاف، ولكن هذه لا يعني عدم نقد ممارسة ذلك الحق، أو ترشيده وتوجيهه إلى المسار الذي يُفترض أن يسير فيه.


ربما يعتقد البعض بأن الممارسة التي أفرزت لنا ظاهرة "الناشط السياسي" أو كثرة الحركات السياسية الشكلية، تمثل شكلا من أشكال الفوضى، وعدم الانضباط، وخروجا عن أصول وقواعد العمل السياسي الحقيقي، وبصرف النظر عن صواب أو خطأ هذا الاعتقاد يجب أن نعرف ما هي الأسباب التي أفرزت هذه الظاهرة الملفتة للنظر؟!باعتقادي أن هناك عدة أسباب لهذه الظاهرة، منها:


أولا: وجود شعور عام بدأ يتسلل عند شريحة كبيرة من أبناء المجتمع بأن السلطة التي تدير شأن البلد أصبحت عاجزة عن الإدارة بشكل سليم، وأن استمرارها على هذا النهج سيقود بالبلد نحو الهاوية، هذا الاعتقاد جعل عددا كبيرا من الناس يدخلون إلى المعترك السياسي، كمحاولة لإنقاذ الوضع، والتنبيه إلى مكامن الخلل، والتحذير من الوصول إلى مرحلة الإنهيار، فدخول هذا العدد الكبير من الناس إلى الساحة السياسية هو مؤشر على عدم شعورهم بالأمان على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم، فلو كانت الإدارة السياسية في البلد تسير بشكل سليم وآمن، لما غصت الساحة السياسية بهذا العدد من الناشطين والحركات السياسية.


ثانيا: عدم وجود قوانين تنظم الحياة السياسية، فالساحة السياسية لا تحتمل الفراغ، فإن لم تكن هناك قوانين منظِّمة للعمل السياسي فإن البديل هو الفوضى، فلو كانت هناك قانون لتنظيم الحياة السياسية على شكل أحزاب أو جمعيات سياسية تكون هي المحضن لأي ناشط أو نشاط سياسي، وتَشترِط لتأسيس التجمع السياسي عددا معينا من المؤسسين (لا يقل عن 300 شخص مثلا) وتشترط إعلان الأهداف والبرامج، ووجود هيكل تنظيمي معلن، وتقديم تقارير إدارية ومالية بشكل دوري، فلو حصل كل ذلك لما وجدنا كثرة ما يسمى بـ "ناشط سياسي" أو حركات سياسية شكلية ليس لها أي ثقل حقيقي.


ثالثا: أن أكثر التيارات السياسية التقليدية أصبحت تعاني من الشيخوخة والتكلس، وانتقلت إليها الأمراض الحكومية، ولم تعد مصدر جذب لأي شخص لديه رغبة في ممارسة العمل السياسي، ولم تعد تلبي طموح الشباب، أو ترتقي إلى مستوى مطالباته.


أخيرا.. إن التذمر من كثرة وجود الحركات السياسية، وانتشار ظاهرة "ناشط سياسي" دون معرفة جذور الظاهرة، وتحليلها بشكل سليم، سيجعلنا ندور في حلقة مفرغة من التذمر، قد تستغلها السلطة لتشويه ومصادرة حق العمل السياسي..