الخميس، 11 يونيو 2015

خيبة كامب ديفيد









يبدو أن دول الخليج لم ترجع من قمة كامب ديفيد بضمانات لأمنها وعلاقاتها الاستراتيجية بشكل كافٍ، بقدر ما رجعت بإلتزامات من جانبها، تحدد الدور المطلوب منها في المرحلة المقبلة، وهذا من شأنه أن يعزز المخاوف الخليجية لا أن يبددها، وخصوصا أن البيان الختامي للقمة استعمل كلمة "إمكانية" عند حديثه عن استخدام القوة العسكرية للدفاع عن أمن دول مجلس التعاون!

من الواضح أن أميركا تسعى لرسم المطلوب خليجيا قبل توقيع الاتفاق النهائي مع إيران في يونيو القادم، وهذا الدور قد يصب في نهاية المطاف لصالح الجانب الإيراني، ويعزز دوره كقوة إقليمية تقود المنطقة، وكحليف استرتيجي محتمل للولايات المتحدة، وهذا قد يجعل لإيران أولوية على الخليج في العلاقة بالولايات المتحدة، فإذا كانت إسرئيل لها الأولوية في العلاقات الأميركية، تأتي بعدها الدول الأوربية، ثم دول الخليج، فبعد أن يتم توقيع الاتفاق الايراني الأميركي ربما تحل إيران محل دول الخليج في سلّم أولويات العلاقات الاميركية!

ذهبت دول الخليج إلى كامب ديفيد للحصول على ضمانات أميركية، لكنها عادت وقد قدمت ما يشبه التعهدات بمكافحة الإرهاب و "اعتراض سبيل المقاتلين الاجانب" و”التصدي للتطرف العنيف في كافة أشكاله” وكل ذلك تحصيل حاصل، فلم تكن دول الخليج بحاجة إلى الذهاب لكامب ديفيد من أجل تأكيد هذا الأمر، ولم يكن ذلك هدفها من حضور القمة، كما أنها قدمت ما يشبه التعهدات بأنها لن تكرر ما قامت به في عاصفة الحزم، أو في أي عمل عسكري خارج حدودها دون "التشاور مع الولايات المتحدة"

جاءت قمة كامب ديفيد لتقطع الطريق على دول الخليج في أن يكون لها دور حازم في مناطق النزاع في الإقليم، فعندما تحدث البيان الختامي عن (سوريا، والعراق، واليمن، وليبيا) أكد على  "أنه ليس هناك من حل عسكري للصراعات الأهلية المسلحة في المنطقة، والتي لا يمكن حلها إلا عبر السبل السياسية والسلمية، واحترام سيادة كافة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية" وهذا يعني أن تبقى هذه المناطق بؤرا مشتعلة أطول وقت ممكن، بعيدا عن نفوذ دول الخليج!

من اللافت للنظر عند حديث البيان عن اليمن أنه تجاهل ما قام -أو يقوم به- الحوثيون من هيمنة بالقوة، وقصف الأبرياء والآمنين، وانقلاب على الشرعية،  فلم يُدن ذلك، بل تحدث عن تنظيم القاعدة في اليمن وضرورة مواجهته! كما تعهدت دول الخليج بدعم الحكومة العراقية، والتي تقود المليشيات الطائفية!

يبدو أن رياح كامب ديفيد جاءت بما لاتشتهي سفن الخليج، لتحطم الصورة الخليجية التي بدأت تتشكل في أعقاب عاصفة الحزم، بأنها قادرة على صنع الحدث بحزم واستقلال، ولتُبَدد أي أحلام خليجية في القيام بأدوار من شأنها أن تعزز نفوذها.