الأحد، 19 أبريل 2015

الظهر الخليجي المكشوف.. إلى متى؟

ملاحظة: هذا المقال تم نشره في جريدة القبس الكويتية هنا

قيل في المثل: قبل صعود السلم، تأكد من الجدار الذي يستند عليه.

 تلك خلاصة الدرس الذي يجب على دول الخليج الاستفادة منه بعد عقود طويلة من تجاربها في بناء تحالفات مع أنظمة سياسة عربية، راهنت عليها لكنها خسرت الرهان، فانقلبت تلك الأنظمة عليها، وعضت الأيدي التي احتضنتها، ولم يعد في وسع دول الخليج إإلا أن تقول:

وكم علمتُهُ نَظْمَ القوافي *** فلما قال قافيةََ هجاني

 هذا ما حصل لنا مع نظام صدام حسين، وتكرر ذات الأمر مع المخلوع علي عبدالله صالح، الذي تخوض دول الخليج حاليا حربا عليه بعد أن ضمنت له خروجا آمنا من موجة الثورة اليمنية التي كادت أن تقضي عليه، وقد وفّرت له المملكة العربية السعودية العلاج اللازم بعد إصابته في محاولة الاغتيال الذي تعرض لها، إلى أن عاد إلى اليمن ليتحالف مع الحوثيين، المدعومين من الخصم التقليدي لدول الخليج، وهناك تجارب أخرى مرشحة للتكرار إذا استمر هذا النوع من الدعم لأنظمة مشابهة، فمتى ستتخلى دول الخليج عن هذه السياسة الخارجية في بناء تحالفات مع أنظمة لا تمتلك عوامل البقاء، ليبقى ظهر الخليج مكشوفا!

 تعددت مبررات الدول الخليجية في دعم هذه الأنظمة، لكن هذه مبررات ما كانت لتوجد لولا بعض نقاط الضعف التي تعاني منها الدول الخليجية، ولعل أبرز تلك النقاط طبيعة أنظمتها السياسية التي تفتقر للمشاركة الشعبية الحقيقية، بالإضافة إلى الملاحظات السلبية التي تبديها منظمات حقوق الإنسان العالمية بين الفينة والأخرى، وكانت هذه القضايا تمثل مصدر ازعاج لها، ومدخلا لابتزازها، كما حصل مؤخرا عندما اعتبر الرئيس الأميركي أوباما أن "الخطر الذي يتهدد الخليج مصدره سخط الشباب داخل بلادهم"، وبالمثل تقوم إيران باللعب على وتر الأقليات الطائفية في المنطقة، رافعة شعار حماية حقوق تلك الأقليات كما تدعي، ومن المتوقع أن نشهد المزيد من تلك المزايدات من الطرفين، وخصوصا بعد الاتفاق الإيراني الأميركي حول البرنامج النووي ورفع العقوبات الاقتصادية.


 لكي تغلق دول الخليج الباب نهائيا في وجه تلك المزايدات الخارجية، ولكي لاتضطر لبناء تحالفات مع أطراف تقلب ظهر الـمِجَن عند أقرب فرصة، فإنها مطالَبة بالقيام بخطوات تاريخية نحو إعادة ترسيم سياساتها الداخلية، باتجاه منح شعوبها مساحات واسعة من الحريات السياسية، ومعالجة ملفات حقوق الإنسان المتخمة، والأجواء حاليا مناسبة، وخصوصا أن عاصفة الحزم قد رسمت صورة جديدة لدول الخليج، توحي بأنها قادرة على قيادة سياستها الخارجية باستقلالية وحزم، فمن المناسب أن تكتمل هذه الصورة برسم سياسات داخلية تتناسب مع تلك الصورة الخارجية، وتعززها وتمنحها قدرا من الاستقلالية، ولا تجعلها مادة للتوافقات الإقليمية والدولية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق